اطوار خلق الانسان
يعدّ خلق الإنسان من أعظم آيات الله وأكثرها روعة، وقد خلق الله -عز وجل- الإنسان في عدة مراحل وعدة أطوار، فكلّ مرحلة في هذه المراحل من خلق الإنسان تعدّ آية في حدّ ذاتها، وقد كان ذكر الله -تبارك وتعالى- لهذه الأطوار وهذه المراحل التي يجب أن يمرّ الإنسان بها حتّى يتمّ خلقه من أعظم صور الإعجاز العلمي والقرآني، حيث أنّ العلم الحديث لم يصل حتّى إلى معرفة كيفية خلق الإنسان إلّا من خلال القرآن الكريم، وقد كان ذلك منذ سنوات قليلة. وقد خلق الله -عز وجل- الإنسان من عدم، أي أنّ الإنسان قبل أن يقوم الله -عز وجل- بخلقه لم يكن شيئًا،
وذلك مصداقًا لقوله -عز وجل-:
(هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئًا مذكورًا). أمّا عن العناصر التي خلق الله -عز وجل- منها الإنسان، فهي الماء في البداية، وبذلك يعتبر الماء أنّه هو أول عنصر في خلق الإنسان، وذلك أنّ الله -عز وجل- قد جعل الماء سببًا لحياة كلّ الكائنات، وسببًا لحياة الأرض،
وذلك لقوله تعالى:
(وجعلنا من الماء كل شيء حي).
أمّا ثاني العناصر التي يخلق الله -عز وجل- من خلالها الإنسان هي التراب، ويعدّ التراب ثاني عنصر من عناصر خلق البشر، وخلق بني آدم، ويعدّ أيضًا عنصرًا هامًا جدًا من عناصر خلق الإنسان، فقد كان التراب أساسًا لتكوين كل إنسان بعد سيدنا آدم عليه السلام. أمّا عن مراحل خلق الإنسان فيمر الإنسان في عدة مراحل حتّى يتمّ صنعه من قبل الله -عز وجل-، وأوّل هذه المراحل هي مرحلة الطين: ويتكون الطين من خلال امتزاج عنصر الماء مع عنصر التراب، كما كنّا قد وضحنا سابقًا، وممّا قد قيل في اختلاف الناس وألوانهم، أنّ الله -عز وجل- لما خلق آدم عليه السلام جمع التراب من جميع أنحاء الأرض، فكان أن وجد اختلاف في صفات البشر وأشكالهم وأخلاقهم، وبعد مرحلة الطين تأتي مرحلة الحمأ المسنون: وهو الطين الأسود المتغير، ويكن ذلك نتيجة لمزج عنصري الطين، ثمّ تأتي مرحلة المضغة، وتكون هذه المرحلة في الشهر الثالث من الحمل، ويحدث فيها جملة من التغيرات الدقيقة والمدهشة التي توضح خلق الإنسان، وينمو من خلالها الخلق ويتطور، ويأتي بعد ذلك مرحلة العظام، وفي هذه المرحلة تتغير قطعة اللحم من قطعة لحم إلى هيكل عظمي، ويأتي بعد ذلك مرحلة كساء الهيكل العظمي: فيتمّ كساءه في اللحم، ثمّ يكون بعد ذلك مرحلة نفخ الروح: والتي يطلق عليها اسم الخلق الآخر، وفي هذه المرحلة ينفخ الروح في الإنسان بعد مروره في مرحلة تسمى مرحلة العلقة،
وذلك لقوله تعالى في كتابه الكريم :
(ثم أنشأناه خلاقا آخر)
فيتم خلق الإنسان بعد ذلك إلى أن يولد ويخرج من بطن أمّه إلى الحياة الدنيا.